بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة تعبر عن وقع التشتت العربي على الذات الشابة المحبطة..
وفيها يقول"
عربي!،
وأركض حائراً قلقاً سيفي فمي،وغراره خطبي
أشتدّ من وهن إلى وهن وأفر من صخب إلى صخب
وهواني المشؤوم ،أصبح في ثغـــــر الدنى ترجيع مكتئب
هذا دمي خذه بلا ثمن وأرقه في كأس من الخشب
أعتق شموخي،واحبني أملا ً فلقد رشفت ثمالة الهرب
تتكرر في القصيدة جملة(أنا عربي)..
وفي البداية جاءت الجملة كاملة الركنين:المسند والمسند إليه ، إلا أنها كانت مشوبة بالتردد والارتباك وعدم الوضوح في الإجابة،فالجو الذي يعترف فيه الشاعر بنسبه العربي،يظلله الخجل:
وسألتني عني وعن وطني فغلا دمي وهممت بالكذب
فقرأت في عينيك معرفة فأجبت في خجل :أنا عربي
أما فيما بعد ذلك،فقد حذف المسند إليه(أنا)،فجاءت الجملة(عربي )فقط،لأنه يخجل من التصريح بانتمائه مرة أخرى بشكل واضح،فحذف ضمير المتكلم(أنا)،وأثبت المسند(عربي).
إنه يفعل ذلك تحت تأثير زلزال في مفاهيم الهوية والانتماء داخله،تحت ضغط الظروف العربية المتهالكة،بما فيها من نزاع وشقاق وفرقة،بينما يحلم الشباب بمشاريع الوحدة والتضامن،ما أدى إلى هذا التنصل من الهوية التي تبعث على الخجل والازدراء كما يرى.
إذاً،فقد تضافر أسلوب الحذف مع التكرار لبناء رؤية مضمونية وفنية،وحين كرر الشاعر(عربي)،كان يربط العنصر المكرر في كل مرة بعلامة التعجب(عربي!)،ما يعني أن هذا الانتماء_بحسب الشاعر_ يبعث على التعجب،ولهذا كان بعد كل تكرار يفرغ شحنة عاطفية متوترة تجاه هذا الانتماء في ذلك الموقف،وفي كل مرة يشخص داء جديداً،ويحاول أن يقنع المتلقي بوجهته المتنصلة.
ففي معنى سخرية المستقبل الموجوع،يكرر:
عربي!
ويضحك ملء فيه غدٌ في قلبه أوجاع مغترب
وفي معنى التمزق والضعف كذلك يكرر:
عربي!
وأعدو في السبيل على أشلاء أمسي حاملاً تعبي
وفي المرة الرابعة الأخيرة يكرر(عربي)،وتكثر الأبيات والأوصاف والرؤى،فلم يعد مرة أخرى كلمة (عربي)،كأنه تعب منها وكل،فقد جلبت له العناء والإحساس بالدونية.
ومن ناحية أخرى،كأن الحديث عن العرب وتشتتهم،قد استغرقه وألهاه عن التكرار،فالأوصاف بلا عد ولا حصر"
عربي!،
وأركض حائراً قلقاً سيفي فمي،وغراره خطبي
أشتدّ من وهن إلى وهن وأفر من صخب إلى صخب
وهواني المشؤوم ،أصبح في ثغـــــر الدنى ترجيع مكتئب
هذا دمي خذه بلا ثمن وأرقه في كأس من الخشب
أعتق شموخي،واحبني أملا ً فلقد رشفت ثمالة الهرب
ولنلحظ كيف بلغ قمة التنصل،حين أعلن بيع دمه،بل التنازل عنه دون ثمن،وهذا ما ينسجم مع العنوان(دم العروبة في مزاد علني).
وربما كان تكرار (عربي) جاء مناسباً لطبيعة المزاد،حيث تعلو فيه الأصوات ،وتتكررمعلنة عن السلعة.