حكمة امي علمتني الكثير
في ليلة من ليالي الربيع المزهر
حيث كانت نجوم السماء تتغازل
والقمر قد ظهر بأبتسامته الشيقة
كالعادة في كل يوم من الليالي الساحرة كنا نسهر تحت خيمة العريش امام منزلنا في
قرية من قرى الجنوب ، جلست امي في مكانها المعتاد ونادت علينا لاحتساء الشاي ،
واخصت عليّ بالنداء لانها كانت تعرف كم احب احتساء الشاي في السهرة ، جلست على
الجهة اليمنى لأمي وجلس اخي الصغير الذي أحب كثيرا الى جانبي بينما فضلت اختي الجلوس
الى جانب امي من الجهة الاخرى . وأخذنا نتبادل اطراف الحديث ...
وفي لحظة سكون وهدوء ، تعالى صوت رنين يبعث الالحان.. اها انه الهاتف ، تبرعت اختي
بالاجابة عليه وبقينا نحن جالسين، واذ بأختي تكلم فتاة على الهاتف تدعى سمر عرفت عن
نفسها على انها صديقتي ، اخذت الهاتف وكنت لا زلت جالسا بالقرب من والدتي ، واخذت
اكلم سمر ونتبادل الحديث من دون ان انتبه الى خطأ كبير ارتكبه في حينها ، لكن عرفت
ذلك بعد ان نظرت بعيون امي حيث رأيت فيهما التأنيب لكني اكملت حديثي مع سمر
وقلت لها كل ما تيسر لي من الغزل واذكر بأني قلت:يا عزيزتي ها انا اراك امامي
فالقمر قد اطل علينا وانت عيون القمر....
من خلال حديثنا طلبت منها ان اراها في اليوم التالي لنخرج معا في نزهة بعيدة عن
عيون الناس وافقت سمر لانها كانت تحبني كثيرا واتفقنا على المكان والزمان ..
ودعتها واقفلت الخط ، واكملت سهرتي مع امي والعائلة وكأن شيئا لم يكن بعد لحظات
استأذن اخي وذهب الى فراشه تبعته اختي وبقيت جالسا مع امي واذ بها تكسر حاجز
الصمت وتقول : اتعلم يا بنّي اريد ان أستشيرك في امر يقلقني
قلت : تفضلي يا امي
قالت : اتعلم سوف اكلمك وارجو ان تفهمني جيدا وان تكون عاقلا
قلت : قد اقلقتني تكلمي فكلي اذان صاغية
قالت : اليوم حصل أمر غريب والصراحة انا محتارة في كيفية
التصرف .. صمتت قليلا وتابعت قائلة : اليوم صدفة سمعت أختك تتكلم على الهاتف
مع شاب وسمعتها تقول له اراك غدا كما اتفقنا... لكن عندما سألتها عنه
قالت بأنه زميل في المدرسة يستعلم عن الدروس لانه كان غائبا
انصدمت من هول الخبر وكان قد بانت عليّ علامات الغيظ والغضب، نهضت من مكاني وقلت
لأمي : يجب ان تربي ابنتك جيدا ثم تابعت : لن اقبل بهذه المهزلة هنا وكيف تسكتي عن
هذه الحماقة و انا اعرف كيف اتصرف معها
عندها نظرت الي امي وطلبت مني الجلوس وعدم التسرع والتهور
قلت لها : كيف تطلبين عدم التهور في امر كهاذا يمس سمعتنا
وتربيتنا ، لن اهدأ قبل ان اعرف ماذا يحدث ، والويل لها لو كان كلامك صحيحا
عندها نهضت امي وقالت : تصبح على خير يا ولدي لكن قبل ان
اذهب ، لدي سؤال ولا اريد ان اريد منك الاجابة عليه ...
قلت : تفضلي يا أمي
قالت: كيف تقبل على بنات الناس ما لا تقبله على اختك
ذهبت امي الى فراشها وتركتني مذهولا من سؤالها الى درجة اني احسست وكأن صخرة ترمي
عليّ، عرفت ان اختي لم تتلقى اي اتصال ولم تواعد احدا ، لكن امي ارادت ان تعطيني
درسا وحكمة لأنها تعرف بأني لا اقتنع بسهولة واختلقت كل هذه القصة لتوصل لي الفكرة...
طال الليل ولم اعرف طعم النوم ، بل بقيت افكر بكلام امي.
وفي اليوم التالي ارتديت ثيابي في الموعد المحدد
نظرت الي امي وقالت : حفظك الله من كل شر يا ولدي ولا تنسى ان
الله معنا في كل مكان قصدت المكان الذي تواعدنا فيه انا وسمر واذ بها منتظرة ...
سلمت عليها وجلست واخذت اقص لها ما حدث مع امي وطلبت منها اذا اردنا اللقاء في
المرة القادمة ان يكون في بيتهم امام الجميع وبأني لا اريد ابدا ان ادخل البيوت
من الشبابيك بل افضل ان ادخل البيوت من ابوابها ولاني اخاف عليها .
فرحت سمر بما قلت وقالت : انت تعرف بأني لا أأتي الى هنا الا
لاني احبك واخاف ان رفضت ان لا تكلمني وان اخسرك ولكن بعد ان سمعت ما قلت اسمح لي
ان اعبر بأني في قمة السعادة
وهنا تذكرت حكمة امي حين قالت : اذا كنت تحب فأنك سوف تصون
شرف حبيبتك مثل ما تصون شرف اختك
:5656564: 
