حقوق المرأة المتزايدة
صدر عن الدورة الرابعة والخمسين للجنة الدولية حول وضع المرأة والتي عقدت مؤخرا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك عدة قرارات وتوصيات كان طابعها الأساسي تمكين المرأة وتحسين وضعها في عدة مجالات مختلفة.
وكان من بين هذه القرارات المطالبة بان يشارك الرجل المرأة في تحمل مسؤولية شؤون البيت, بما في ذلك تربية الأطفال حتى تستطيع الزوجة تنمية نشاطاتها المهنية خارج المنزل وتصل إلى مستويات عالية في إدارة الشركات في القطاع الخاص أو للوصول إلى مناصب رفيعة في العمل الحكومي وغير ذلك من وظائف أو مهن أخرى تمكنها من الارتقاء إلى درجة عالية من المسؤولية.
ولتسهيل مشاركة الزوج للزوجة في تحمل مسؤولية رعاية شؤون المنزل فقد وجد المشاركون في تلك الدورة بان يمنح الزوج إجازة «أمومة» مرادفة لإجازة الأمومة التي تمنح عادة للزوجة عندما تضع طفلا أو طفلة.
وطبعا كان جل اهتمام المجتمع الدولي الحالي هو وضع حد للتفرقة بين الرجل والمرأة ومعاملتها أسوة بالرجل وتمكينها اقتصاديا سياسيا وعلميا واجتماعيا حتى تزول كل الفروقات المتبقية بين الرجل والمرأة.
طبعا كل ذلك رائع وجميل إلى حد كبير، لكن التطرف والتمادي في هذا الاتجاه قد يخلق ويولد مشاكل ومصائب ومصاعب اجتماعية لا حد لها، فعلى سبيل المثال فان مشاركة الزوج مع زوجته في تحمل مسؤولية رعاية الأطفال بشكل متساوٍ قد يغفل شيئا مسلما به في علم الاجتماع ألا وهو أن رعاية الام لطفلها هو من النوع الخاص والحساس والفريد من نوعه ولا يستطيع الذكر أو الزوج إملاء ذلك الدور مهما حاول، وحاجة الأطفال لامهم لا تعوض بمشاركة الزوج لزوجته في تحمل مثل هذا الدور الطبيعي والغريزي.
كما أن التجربة الغربية في هذا المجال لم تأت بثمارها الايجابية، فقد أكدت المؤشرات الصادرة عن الدول المتقدمة بان الاندفاع المفرط في هذا الاتجاه كان له عواقب اجتماعية عميقة وجسيمة وتشمل التفكك الأسري، وغياب الرعاية الطبيعية للأطفال وفقدانهم لعطف الام الذي لا يعوض.
وكل ذلك أدى إلى تفاقم ظاهرة الجريمة بين صفوف الأحداث وانتشار الأمراض الجنسية بين صغار السن بما في ذلك الإيدز، الأمر الذي يستدعي التروي في هذا الاتجاه والذي تعتمده الأمم المتحدة في هذا المجال، وأصبح موضة عارمة لا يستطيع الوقوف أمامها بدون التعرض إلى هجمات قاسية من الدول والحضارات التي تتبنى هذه «التسونامي» بحجة تمكين المرأة وتحسين أوضاعها بدون وضع هذه المسيرة في إطار شامل الرؤية حتى تتحقق المساواة بين الرجل والمرأة بدون المساس بقيم وتقاليد أثبتت أهميتها وجدواها عبر الزمن.
وغير ذلك يكون المجتمع الدولي قد انجرف في تيار يحقق بعض المكاسب للمرأة على حساب مكاسب أخرى، الأمر الذي يستدعي وقفة تأمل ونظرة على أساس أن حقوق المرأة والرجل متساوية لا بل متطابقة، ولكن واجباتهم ومسؤولياتهم مختلفة في بعض المجالات على الأقل في الحياة اليومية.